
شكّل عام 2024 محطة مفصلية في تاريخ التنس الحديث، فيما حمل عام 2025 نقلة نوعية أكدت التحوّل نحو عصر جديد أكثر سرعة وقوة.
فقد شهد الموسم سيطرة شبه مطلقة لثنائي واحد فقط: يانيك سينير وكارلوس ألكاراز، حتى بدا وكأن بقية اللاعبين يكتفون بأدوار ثانوية في سباق لا يشمل سوى هذين النجمين.
لم يقتصر تفوقهما على النتائج فحسب، بل امتد ليظهر بوضوح على مستوى التصنيف العالمي. فقد اتّسع الفارق بين المصنفَين الثاني والثالث إلى درجة جعلت ألكسندر زفيريف أقرب في النقاط إلى لاعب مصنف في حدود المركز 2000 عالميًا منه إلى سينير في القمة، وهو مشهد غير مسبوق في تاريخ التصنيف.
تقابل النجمان في ثلاث نهائيات لبطولات الغراند سلام، ونهائيين لبطولات الماسترز، إضافة إلى نهائي البطولة الختامية للموسم.
كان يمكن أن نشهد مواجهات أكثر لولا إيقاف سينير في فترة من النصف الأول للعام عن أربع بطولات ماسترز، وهو ما حرمه من فرصة إنهاء الموسم في صدارة التصنيف رغم الأداء اللافت.
ومع ذلك، فإن السؤال حول من كان سينهي الموسم في المركز الأول يبدو اليوم بلا قيمة حقيقية.
فكلاهما يلعبان بمستوى خارق يجعل رقم التصنيف أقرب إلى التفصيل الثانوي.
لطالما اعتقد الكثيرون أن مستقبل التنس سيقوده لاعبون طوال القامة يعتمدون على إرسال ساحق في كل نقطة، ثم بدا لاحقًا أن الأسلوب الأمثل هو ما قدمه عصر دجوكوفيتش ونادال وموراي ومن بعدهم ميدفيديف وزفيريف: الدفاع، الصبر، والقتال من الخط الخلفي.
لكن سينير وألكاراز ينتميان إلى مدرسة مختلفة تمامًا. فإذا كان دجوكوفيتش يصل إلى «السرعة الخامسة» — أعلى مستوى ممكن من الإيقاع — في لحظات قليلة من مبارياته، فإن هذا الثنائي يبدأ من تلك السرعة منذ النقطة الأولى، بل ويتجاوزها كلما تقدّم اللعب.
يبقى المستقبل مفتوحًا على كل الاحتمالات: إصابة قد تغيّر المشهد، فترة تراجع، أو تطور مفاجئ في أحد الجوانب الفنية.
قد يدخل ألكاراز بطولة أستراليا بإرسال أقوى من أي وقت مضى، أو يستعيد سينير اتزانه بطريقة تجعله أكثر خطورة.
لكن السيناريو الأكثر ترجيحًا هو استمرار هيمنة هذا الثنائي على الجولة العالمية خلال السنوات المقبلة، في وقت تحاول فيه بقية الأسماء التأقلم مع قواعد لعبة تتغير بسرعة غير مسبوقة.
فالتنس يتجه نحو نسخة جديدة: أسرع، أقوى، وأكثر صعوبة مما عرفناه.